قبيلة بني حسان تاريخ لم تسمع به من قبل


بين تطوان وشفشاون، تمتد سلسلة جبلية شاهقة تتوشّح بالبياض. يغيب الغطاء النباتي عن سفوحها الغربية، بينما يكثر في سفوحها الخلفية. إنها جبال بني حسان… تلك السلسلة التي مرّ بها الرحّالة شارل دو فوكو في القرن التاسع عشر، فوصف جمال طبيعتها ووفرة مياهها في كتابه التعرف على المغرب.


ورغم حضورها القوي على مستوى الطبيعة والإنسان، إلا أن النصوص التاريخية لم تذكرها في موضعها الحالي إلا مع بدايات العصر الوسيط. فأقدم من كتب عنها كانوا البرتغاليين، لكن إشاراتهم جاءت سريعة وعابرة بسبب بُعد هذه الجبال عن مجال عملياتهم حول سبتة.


في نفس الفترة تقريباً، وصفها ليون الإفريقي في كتابه وصف إفريقيا، مشيداً برجال بني حسان وبشجاعتهم وقوتهم. أما اسم “حسان”، الجد المفترض للقبيلة، فهو اسم عربي قديم. وقد أشار ابن خلدون إلى هذه القبيلة ضمن قبائل غمارة المصمودية، لكنه وضع ديارها بين طنجة وساحل المحيط الأطلسي، ويبدو أنه كان يقصد بني حسان الحاليين في سهل الغرب قرب القنيطرة، وليس جبال بني حسان الحالية.


اليوم، تُعرَف بني حسان كأرض جبلية وعرة، جبالها عالية، قممها حادة، وسفوحها تنحدر نحو مضايق ووديان مليئة بالكهوف والمغارات والشلالات. وتنقسم أراضي القبيلة إلى ثلاث فرق رئيسية:


  • بنو علي (جماعة الحمراء)
  • بني هارون (جماعة الواد)
  • الخمس (أولاد علي منصور)
    وكلها تتبع إدارياً إقليم تطوان.



من أشهر جبال المنطقة:


  • جبل غلطي (1926م)، أعلى قمة في إقليم تطوان، يقع بفرقة الخمس.
  • جبل علي لوين، الذي يحتضن أجمل وأندر غابات الأرز في المنطقة.



أما فرقة بني هارون، فتشتهر بشلالاتها ووديانها الساحرة، أبرزها شلال إيفحصه وشلال قربه. وتضم كذلك أقدم سد في شمال المغرب: سد علي تحيلات الذي شُيّد في ثلاثينيات القرن الماضي.


وتزخر جبال بني حسان بمسارات جبلية رائعة جعلتها وجهة مفضلة لعشاق المشي الجبلي، مثل:


  • مسار وادي القرار
  • مسار غابة الأرز بجبل عليوين
  • مسارات الصعبة، المنقولة، قيم مكايعت، تلوجه، وحافة زلطان
    بل وتمتد حتى تخوم جبل بوهـاشم بغاباته الواسعة من الزان والفلين.



من أبرز مراكز القبيلة مركز الحمراء بفرقة بني علي، وعلى مقربة منه يوجد مسجد البيضاء، أقدم وأشهر مساجد المنطقة، قائم على تل يطل على متجر بني عمران.


تبقى جبال بني حسان، منذ القدم وحتى اليوم، تحدياً حقيقياً لمحبي التسلق والمغامرة. فقد تسلّقها “الدرويش” بعصاه فقط خلال القرن التاسع عشر كما يذكر “أوغيسمو لراس” في كتابه المغرب المجهول. وما تزال إلى اليوم وجهة مثالية لعشاق الطبيعة والمشي في قلب سلسلة جبال الريف المغربي.